الأربعاء، 7 مايو 2008

صاحب الأخيار الأبرار

صاحب الأخيار الأبرار

اقتضت مشيئة الله عز وجل أن يجعل طبيعة الانسان السوى يستحيل عليه أن ينعم بحياة رغدة طيبة هنيئة وهو يعيش وحيدا منفردا
فحياة الوحدة والانعزال هى حياة البؤساء والتعساء ذوو النفوس المريضة المكتئبة ،
لذا فالانسان السوى لابد له من الخلطة والاختلاط بالآخرين لابد له من أصحاب وأصدقاء يخالطهم ويخالطونهم ويعايشهم ويعايشونه ويمازحهم ويمازحونه ويشاركهم فى مسراتهم وأحزانهم ويشاركونه يقول الله عز وجل:
( ياأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم )

ومنطقى جدا أنه بصلاح المجتمع الذى يعيش فيه الانسان والبيئة التى يسكنها أى بصلاح الأصحاب والأصدقاء من حوله يكون صلاحه وفلاحه واستقامته ،وبفساد المجتمع والبيئة والأصحاب والأصدقاء يكون فساده وانحرافه وضياعه تماما كالبذرة الحية ..فاذا غرست فى أرض طيبة وتربة صالحة كثيرة الماء والغذاء نقية الهواء فستنبت نبتا صالحا وأغصانا قوية وثمارا ناضجة نافعة أما اذا غرست فى أرض سبخة وتربة خبيثة قليلة الماء والغذاء ملوثة الهوء فستموت وتفسد ولن تنبت شيئا .
تماما كالانسان ، فالانسان حتما يتأثر بالبيئة والمجتمع والأصحاب والأصدقاء.

ومن ثم جاء التوجيه الربانى لرسولنا(صلى الله عليه وسلم)حينما عرض عليه المشركون أن يجالسهم بشرط أن يطرد الفقراء والضعفاء والعبيد من هذه المجالس يغرونه بأنهم ربما يقبلون دعوته فهم النبى(ص) أن يقبل طمعا فى اسلامهم وينزل القرآن الكريم يصوب فكره ويصحح وجهته
( واصبرنفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ولا تعدو عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا)

( أفرأيت من اتخذ الهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أويعقلون ان هم الا كالأنعام بل هم أضل سبيلا )

والآيات تشير وترشد الرسول أن احرص على مصاحبة المؤمنين الأخيار الذين سلمت عقيدتهم وصحت عبادتهم وحسنت أخلاقهم
ويستجيب النبى (ص)لأمر الله تبارك وتعالى فى هذا التوجيه.
وهو توجيه أيضا للمسلمين من بعده أن يحرصوا على مصاحبة الأخيار ومجالستهم ففى ذلك النفع الكبير لهم فى دينهم ودنياهم .

ويعرض القرآن مشهدا يحذرفيه من مغبة مصاحبة أهل الشروالسوء ويبين أن فى ذلك ضياع الدنيا والآخرة يقول الله عز وجل:
(ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا ياويلتا ليتنى لم اتخذ فلانا خليلا لقد أضلنى عن الذكر بعد اذ جائنى وكان الشيطان للانسان خذولا)
تذكر بعض الروايات فى سبب نزول هذه الآية أن أحد المشركين واسمه عقبة بن أبى معيط كان يكثر من مجالسة النبى(ص) فدعاه ذات يوم الى ضيافته فأبى النبى أن يأكل من طعامه حتى ينطق بالشهادتين ففعل الرجل وكان أبى بن خلف صديقه الحميم قد علم بذلك فعاتبه عتابا شديدا وقال له صبأت! قال لا ولكن الرجل أبى أن يأكل من طعامى وهو فى بيتى فاستحييت منه فشهدت له فقال له: لاأرضى منك الا أن تأتيه فتطأ قفاه وتبزق فى وجه فرجع فوجد النبى(ص) ساجدا فى دار الندوة ففعل ذلك فقال له النبى (ص) :(لاألقاك خارج مكة الا علوت رأسك بالسيف ) فأسر يوم بدر فأمر عليا فقتله.
يقول الشاعر
:واحذر مؤاخاة الدنىء لأنه يعدى كما يعدى الصحيح الأجرب

ويبين النبى (ص) أثر الصحبة على الفرد فى تصويروتمثيل رائع فيقول:
( انما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كبائع المسك ونافخ الكير فبائع المسك اما أن يحذيك واما أن تبتاع منه واما أن تجد منه رائحة طيبة ونافخ الكير اما أن يحرق ثيابك واما أن تجد منه رائحة نتنه )

فالجليس الصالح هو كبائع المسك سواء بسواء مصاحبته ومجالسته فيها الفائدة والمنفعة من جميع الوجوه فقد يهاديك بهدية تكافلا أو محبة، وقد يهديك بنصيحة تنفعك فى دينك ودنياك، واذا تعاملت معه فى بيع أوشراء فلن يخونك أويغشك، وأقل شىء تستفيده منه الرفعة والسمعة الحسنة لأنك تصاحبه ،والجليس السوء هو كنافخ الكير سواء بسواء فقديتسبب لك فى كارثة أو مصيبة فى نفس أوفى مال أو فى صحة، وأقل شىء يصيبك منه السمعة السوءلأنك تصاحبه
من النماذج التى عرفت قيمة الصحبة فحرصت عليها عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) كان يقول :
(لولا ثلاث لما أحببت البقاء فى الدنيا لولا أن أحمل على جياد فى سبيل الله ،ولولا قيام الليل بركعتين فى جوفه ،ولولا مجالسة أقوام ينتقون أطايب الكلام كما ينتقى أطايب الثمر)
ويقول (رضى الله عنه): أيضا ناصحا أحد المسلمين:
( عليك باخوان الصدق فانهم زينة لك فى الرخاء وعدة لك فى البلاء)
وجاء فى الأثر
(المرء قليل بنفسه كثير باخوانه)

ويرشدنا النبى (ص)الى مصاحبة المؤمنين الأتقياء فيقول:
( لاتصاحب الا مؤمنا ولايأكل طعامك الا تقى)
.
صاحب الأخياروجالسهم وأحبهم فان محبتك لهم تجمعك معهم فى ظل الله يوم القيامة يوم لا ظل الا ظله فمن السبعة الذين يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل الا ظله
(ورجلان تحابا فى الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه) .
وفوق ذلك تنال محبة الله عز وجل ففى الحديث القدسى:
(وجبت محبتى للمتحابين فى والمتزاورين فى والمتجالسين فى والمتباذلين فى ).

تنال أيضا الرفعة والمكانة العالية فى الآخرة ففى الحديث القدسى :
(المتحابون فى جلالى على منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء)
تفوز بشفاعتهم يوم القيامة استكثروا من الاخوان فانهم يأتون يوم القيامة شفعاء لكم .

الأربعاء، 23 أبريل 2008

لن نتنازل عن قيم ديننا

لاتنازل عن قيم ديننا

سهل على المؤمن أن يتنازل عن الدنيا عن متاعها ،عن مفاتنها وزخارفها ،عن جاهها وسلطانها ،فمتاعها زائف ،ومفاتنها وزخارفها باطلة ،وجاهها وسلطانها الى زوال، المنفق عليها بسخاء خاسر، والمفنى عمره من أجلها ضائع


لكن من الصعب بل من المستحيل على المؤمن الصادق أن يتنازل عن دينه أوعقيدته أو يتنازل عن قيمه أوعن تعاليم قرآنه وسنة نبيه (صلى الله عليه وسلم) .


يحكى القرآن عن هذه الدنيا فيقول/:( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر فى الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفى الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور
)،


ففى هذه الآية الكريمة يبين الله أصنافا من الناس يعيشون لهذه الدنيا وفقط ولايمكن أبدا أن يتنازلوا عن شىء منها بأى حال من الأحوال، ومن ثم فأهدافهم فيها وضيعة ،رديئة ودنيئة لا تخرج عن الحدود التى رسمها الله للبهائم والحيوانات وان كانت البهائم والحيوانات أشرف وأجل مهمة، يقضى الوحد منهم أ وقاته وساعاته يلعب كما يلعب الصبيان ويلهوا كما يلهو التافهون وضعاف العقول ويسعى ويشتد سعيه يجمع من زينة الدنيا ما يستطيع من جاهها وسلطانها، من مفاتنها وزخارفها، من أموالها ومتاعها والعجيب أنه يتفاخر بمثل هذه الأشياء وهى ليست ملكا خالصا له انما هى ملك لله عز وجل وهو مستخلف فيها، وهو وهى الى فناء وزوال، والله عز وجل يمثل زوال هذه الدنيا وماعليها بهذه الصورة الحقيقية التى يراها كل الناس ولايستطيع أحد أن ينكرها ، صورة المطر النازل من السماء يحي به الله الأرض فيخرج النبات الزاهر والثمار الناضجة، ثم ما مصير ذلك كله فى النهاية ؟ مصيره الاصفرار والذبول والتحطم ثم الفناء ،هذه هى صورة الدنيا فى سرعة زوالها وفنائها، وتبقى الآخرة، فيها الحساب ثم الجزاء اما الى الجنة واما الى النار .


وهذا الصنف من الناس فى الوقت الذى لا يستطيع أن يتنازل عن شىء من دنياه تجد أنه من السهل عليه أن يتنازل عن قيمه ومبادئه وعن تعاليم قرآنه وسنة نبيه (صلى الله عليه وسلم) بل قد يتنازل عن دينه وعقيدته بالكلية،
والمبرر: لقمة عيش رخيصة ممزوجة بالخزى والذل والعار،.. نظرة اعجاب وكلمة ثناء أو وسام يرفع على كتفه ،..منصب أو جاه أوسلطان يحصله أو يصل اليه ،.. اشباع شهواته ونزواته وغرائزه وارضاء أطماعه وجشعه .لكن المؤمن الصادق بعيد عن هذا كله تمام الابتعاد .

هذا هو رسولكم (صلى الله عليه وسلم)
تعرض عليه قريش الدنيا علها تثنيه عن دينه وعن دعوته ،
فترسل اليه عتبة بن ربيعة فيذهب اليه يقول: يابن أخى انك منا حيث قد علمت من المكان فى النسب ،وقد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم،فاسمع منى أعرض عليك أمورا لعلك تقبل بعضها:ان كنت انما تريد بهذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تصير أغنانا،وان كنت تريد شرفا سودناك علينا فلا نقطع أمرا دونك،وان كنت تريد ملكا ملكناك علينا،وان كان هذا الذى يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب،وبذلنا فيه أموالنا حتى تبرأ، فلما فرغ من قوله تلا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صدر سورة فصلت (( حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون وقالوا قلوبنا فى أكنة مما تدعونا اليه وفى آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل اننا عاملون قل انما أنا بشر مثلكم يوحى الى أنما الهكم اله واحد فاستقيموا اليه واستغفروه وويل للمشركين ...حتى وصل الى قوله تعالى:فان أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود))
عندها وضع عتبة يده على جنبه وقام كأن الصواعق ستلاحقه وعاد الى قريش يقترح عليها أن تدع محمدا وشأنه!
ولما فشلت قريش فى هذه المحاولة ذهبت الى عمه أبى طالب وألحت فى الطلب أن يكف ابن أخيه عن دعوته وفعلت ذلك مرارا وتكرارا حتى أرسل اليه عمه وأعلمه بما قالت قريش وقال له :أبق على نفسك وعلى ،ولاتحملنى من الأمر مالا أطيق فظن الرسول(ص)أن عمه قد خذله وتخلى عنه وضعف عن نصرته فأعلن كلمة الاصرار والثبات على قيم الدين وتعاليم الاسلام ودعوة الحق فقال:(يا عماه..والله لو وضعوا الشمس فى يمينى والقمر فى يسارى على أن أترك هذا الأمر ماتركته حتى يظهره الله أوأهلك فيه ) ولم يدع الصحابة الكرام نبيهم(صلى الله عليه وسلم) يقف فى الميدان وحده بل كانوا من حوله أسودا ثابتين،،


تراهم وهم محاصرون فى شعب أبى طالب يتحملون هم وأطفالهم آلام الجوع والحرمان وقد اضطروا الى أكل أوراق الأشجار وظهر ذلك فى شكل فضلاتهم وصبروا على حصار دام ثلاث سنين وما لانت لهم قناه وما تركوا الرسول وحده أبدا وما تنازلوا عن شىء من قيم دينهم أو تعاليم اسلامهم،،


كما تراهم فى غزوة الأحزاب وقد تكالبت عليهم حشود الباطل تريد استئصال شأفة الحق وأهله، ويصف القرآن شدة المحنة وضخامة الموقف الذى مر به المسلمون، فيقول عز وجل :(اذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم واذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون*هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا ) . فى وقت نقض اليهود فيه عهدهم مع المسلمين وغدروا بهم ،وتخاذل المنافقون وفروا من الميدان قائلين ان بيوتنا عورة، وما هى بعورة ان يريدون الا فرارا ،
فى وقت اجتمع على المسلمين فيه شدة الخوف مع شدة البرد وشدة الجوع حتى ان الوحد منهم كان لايستطيع ان يذهب ليقضى حاجته، ومع ذلك لم نسمع أن واحدا منهم ترك الرسول وانصرف ولم نسمع أن واحدا من هؤلاء تنازل عن دينه أعن عقيدته بل ثبتوا جميعا ثبات الجبال الرواسى فمدحهم الله فى قرآنه قائلا: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر وما بد لوا تبديلا
)
واليكم قصة الامام أحمد بن حنبل رضى الله عنه


ففى المحنة التى تعرض لها بسبب اصراره على قولة الحق فى فتنة خلق القرآن والتى سجن بسببها وفى السجن كان يقول :أنا لا أخاف فتنة السجن فما هو وبيتى الا واحد ولاأخاف فتنة القتل فانما هى الشهادة ..انما أخاف فتنة السوط وفى يوم أخذوا الامام ليجلدوه فظهر على وجهه الخوف والجزع وفى أثناء خروجه الى ساحة الجلد لمح ذلك الجزع والخوف فى وجهه لص شهير اسمه أبوهيثم الطيار فقال له :يا امام لقد ضربت 18000 سوط بالتفاريق – أى على امتداد عمرى – وأناعلى الباطل فثبت وأنت يا امام على الحق فاثبت لان عشت عشت حميدا ولان مت مت شهيدا ..وقد ظل الامام يدعو للطيار بعد ذلك كل ليلة :اللهم اغفر له ..فلما سأله ابنه ياأبتى انه سارق قال:ولكنه ثبتنى ..يقول الجلاد :لقد ضربت بن حنبل ضربا لو كان فيلا لهددته ،ومر عليه رجل وهو معذب فقال هل آتيك بماء؟قال الامام: انما أنا صائم .
ويزوره أحد معارفه فيقول: يابن حنبل لقد ضعفت وعندك عيال - يقصد أخبر القوم بما يريدون لترتاح- فيرد الامام عليه :ان كان هذا هو عقلك فقد استرحت
..أنظر الى الناس تنتظر منى كلمة فان زللت وأنا عا لم لزل الناس كلهم (ففى زلة العالم زلة العالم كله)
لا نريد أن نقف موقفا كهذا ولكن المراد أن نثبت على قيمنا وأخلاقنا وأن نتمسك بد يننا ..
نريد موظفين وموظفات حينما تعرض عليهم رشوة يقولون لا لن نتنازل عن قيمنا ولن نبيع ضمائرنا .

نريد مدرسين ومدرسات يقولون لا لن نتنازل عن قيمنا لن نبخل بعلمنا على أحد من أبنائنا الطلاب، لن نرغمهم على الدروس الخصوصية و لن نبتز أموالهم .
نريد شبابا يقول:لا لن نتنازل عن قيمنا، لا للفاحشة لا للمخدرات لا للسجائر لا لصحبة السوء لا للضحك على البنات واللعب بعواطفهن بل يقول: نعم لصحبة الخير .
نريد شابات يقلن: لا لن نتنازل عن قيمنا لا للتبرج لا للعرى لا للفاحشة لا لمصاحبة الشباب لا لصحبة السوء نعم للعفة نعم للحجاب نعم لقيم الدين
.

نريد تجارا ورجال أعمال يقولون لا لن نستغل حاجة ولن نحتكر سلعة ولن نغش أحدا من الناس لا لن نتنازل عن قيمنا لا لن نتربح من الحرام أبدا .

.نريد قضاة يعلنون لا لن نتسبب فى ظلم أحد لا لن نبيع قيمنا لن نبيع شرف المهنة التى كلفنا بها وسننطق بالحق والعدل لانخاف فى الله لومة لائم.

،نريد دعاة ينصرون الحق ويحاربون المنكرويعلمون الناس الاسلام الصحيح ويكونون لهم القدوة الصالحة ويعلنون لا للتخاذل لا للقعود لا للسلبية لا للتنازل عن قيم الاسلام ومبادئه .

الأربعاء، 12 مارس 2008

احفظ الله يحفظك

احفظ الله يحفظك
أحبتى فى الله:

ما أحوج الأمة جميعاأفرادا وجماعات دولا وحكومات الى أن تأخذ بوصايا الرسول صلى الله عليهوسلم خاصة فى مثل هذه الظروف الحالكة والأزمات الطاحنة التى تمر بها فى الداخل والخارج،
ففى هذه الوصايا المخرج والسبيل لعودة الأمة الى طهارتها ونقائها الى عزتها ومكانتها والى سابق قوتها وسيادتها بين الأمم ومن ثم تقوم بالدور المنوط بها أن تقوم به وهو الاصلاح ونشر الخير والهدى والعدل والسلام والأمن والأمان بين ربوع العالمين

ومن هذه الوصايا وصية النبى (ص)لابن عباس وهو غلام
يقول بن عباس (رضى الله عنه):كنت خلف النبى (ص) يوما فقال:( يا غلام انى أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك ،احفظ الله تجده تجاهك ،اذا سألت فاسأل الله،واذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشىء لم ينفعوك الا بشىء قد كتبه الله لك وان اجتمعوا على أن يضروك بشىء لم يضروك الا بشىء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف.)رواه الترمذى.
وفى رواية للامام أحمد(احفظ الله تجده أمامك،تعرف الى الله فى الرخاء يعرفك فى الشدة ،واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك،واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا).
فمن حفظ الله فى دينه بملازمة تقواه واجتناب ما لا يرضاه ، بابتعاده عن الحرام جهده وحرصه على الحلال وسعه،بالتزامه بفرائض الاسلام وتعاليم القرآن فى عبادته وسلوكه وأخلاقه وسائر معاملاته،فلسوف يحفظه الله ولا شك ويحفظ أهله ومجتمعه وأمته جميعا.
فهذا نبى الله يوسف عليه السلام /
حفظ الله فى دينه وأخلاقه رغم تعرضه للفتن بامرأة العزيز مرة وبالسجن مرة وبفقد أهله قبل ذلك الا أنه ثبت على قيمه وامتثل تعاليم دينه بل ودعا المحبوسين معه الى عبادة الله وتوحيده ،وكان من نتيجة ذلك أن حفظه الله وأعزه ومكن له فى الأرض وأعلى شأنه فيها (وكذلك مكنا ليوسف فى الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء وفوق كل ذى علم عليم )، وحفظ الله به أهله وأهل مصر والعالم من حوله أعوام المجاعة السبع التى مرت ببلادهم .
وهذه قصة بنت بائعة اللبن/

حيث أصدرأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه قانونا جرم فيه غش اللبن وخلطه بالماء غير أن عين القانون لاتستطيع أن ترقب كل مخالف أوأن تقبض على كل خائن أو غاش ،لكن هناك الايمان، الرقيب الداخلى الذى يدفع صاحبه الى أن يحفظ الله فى كل تصرفاته ،فهاهى الابنة المؤمنة تعارض أمها التى تأمرها أن تخلط اللبن بالماء فتقول لها الابنة: ان أمير المؤمنين عمر ينهانا عن ذلك فتقول الأم:وأين أمير المؤمنين؟
فتقول الابنة:ان كان أمير المؤمنين لايرانا فرب أمير المؤمنين يرانا ، فليس غريبا أن يأتى من هذا الأصل الطيب عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين الذى حفظ الله به الأمة وحقق الله على يديه الأمن والعدل والرخاء فى عامين فقط هى كل مدة خلافته


ويحكى عبد الله بن دينار:
خرجت يوما مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الى مكة فانحدر بنا راع من الجبل فقال له عمر ممتحنا:ياراعى بعنى شاة من هذه الغنم ،فقال انى مملوك وهى ملك لسيدى،فقال عمر:قل لسيدك أكلها الذئب،فقال الراعى: وأين الله؟،فبكى عمرثم غدامع المملوك فاشتراه من مولاه وأعتقه وقال له :أعتقتك فى الدنيا هذه الكلمة وأرجو أن تعتقك فى الآخرة.

وقصة العالم الربانى عبد القادر الكيلانى رحمه الله :
حيث يقول:(بنيت أمرى من حين ما نشأت على الصدق ،ذلك أنى خرجت من مكة الى بغداد أطلب العلم فأعطتنى أمى أربعين دينارا أستعين بها على النفقة وعاهدتنى على الصدق،فلما وصلنا أرض همدان خرج علينا جماعة من اللصوص فأخذوا القافلة فمر واحد منهم وقال لى:كم معك؟فقلت أربعون دينارا فظن أنى أهزأ به فتركنى،ورآنى رجل آخرفسألنى كم معك؟فأخبرته بما معى فأخذنى الى كبيرهم فسألنى فأخبرته ،فقال متعجبا:ماحملك على الصدق؟فقلت:عاهدتنى أمى على الصدق فأخاف أن أخون عهدأمى،فقال كبيرهم أنت تخاف أن تخون عهد أمك وأنا لاأخاف أن أخون عهد الله ثم أمر برد ماأخذوه من القافلة وقال ياغلام :أنا تائب لله على يديك، فرد اللصوص جميعا قائلين أنت كبيرنا فى قطع الطريق وأنت اليوم كبيرنا فى التوبة .فتاب الجميع ببركة الصدق .
ذلك أن الغلام حفظ الله فى أخلاقه فحفظه الله وحفظ به القافلة وحفظ قطاع الطريق جميعا من النار بفضل توبتهم الى الله عز وجل.

وأختم بهذه القصة التى تبين كيف كان الصالحون يربون أولادهم على حفظ الله قصة سهل بن عبد الله التسترى /
يقول هو عن نفسه:
كنت وأنا بن ثلاث سنين أقوم بالليل فأنظر الى صلاة خالى (محمد بن سوار)فقال لى يوما:ألا تذكر الله الذى خلقك؟قلت وكيف أذكره؟ قال:قل بقلبك عند تقلبك فى فراشك ثلاث مرات من غير أن تحرك لسانك ،
الله معى-الله ناظر الى –الله شاهدى- فقلت ذلك ليال ثم أعلمته،فقال زدها الى سبع مرات فقلتها ثم أعلمته فقال زدها الى احدى عشر مرة فوقع لذلك حلاوة فى قلبى فلما كان بعد سنة قال لى خالى:احفظ ماعلمتك ودم عليه الى أن تدخل القبر فانه ينفعك فى الدنيا ةالآخرة ،فلم أزل على ذلك سنين فوجدت لذلك حلاوة ثم قال لى خالى يوما ياسهل:من كان الله معه وناظرا اليه وشاهده أيعصيه؟ياسهل اياك والمعصية!
وأصبح سهل بعد ذلك من كبار العارفين ومن رجال الله الصالحين بفضل خاله الذى أدبه وعلمه ورباه وغرس فى نفسه وهو صغير أكرم معانى الايمان والمراقبة وأنبل مكارم الأخلاق...
أحبتى فى الله:بمثل هذه النماذج النقية الصالحة تحى الأمم ويحفظها الله ويرعاها ويفرج كروبها وينصرها على أعدائها (واعلم أن النصر مع الصبر،وأن الفرج مع الكرب،وأن مع العسر يسرا).

الأربعاء، 5 مارس 2008

الإفتتاحية

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين وخاتم النبيين ورحمة الله للعالمين سيدنا محمد وعلي أله وصحبه أجمعين
وبعد
أحبتي في الله أبدأ فأحييكم بتحية الإسلام
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد تصفحت كثيرا من المواقع والمدونات
فوجدت أقلاما كثيرة للباطل تروج له وتقوم بنشره
حربا علي القيم النبيلة و ضربا للمثل
العليا تريد بذلك لهذه الأمة مزيدا من الخنوع
والخضوع ومزيدا من الركوع والإنهزامية أمام
أعدائها فأحسست في قرارة نفسي أنه أصبح
لزاماً علي أهل الحق أن يعلنوا عن حقهم
وأن يدعوا الناس إليه وأن يبينوا ما فيه من الخير و النور و الهدي
فما تمدد أهل الباطل بظلام باطلهم
إلا بسبب تقهقر أهل الحق بضياء ونور حقهم
فآن الآوان للحق أن يعلوا وللباطل أن يندحر
آن الآوان للفجر أن يبزغ وللشمس أن تشرق
وللظلام أن ينزوي وينقشع
" والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون "